PHSL هو عمل من أعمال المقاومة الثقافية والذاكرة البيئية، حيث يعمل على الحفاظ على أنواع البذور الفلسطينية التقليدية وإحيائها المهددة بالزراعة الصناعية وتغير المناخ والاحتلال. كل بذرة تحمل بداخلها قرونًا من الحكمة، تتكيف مع إيقاعات الأرض وترتبط ارتباطًا وثيقًا بالهوية الفلسطينية والمطبخ والمجتمع. من خلال الإشراف على هذه البذور - التي ينتقل الكثير منها في الهمسات أو مخبأة في الأدراج القديمة - تعيد PHSL ربط المزارعين والطهاة والحالمين بالنباتات التي غذت أسرهم لأجيال. فيما يلي أرشيف حي لبعض هذه النباتات - كل واحدة منها خيط في نسيج الحياة الفلسطينية.
هذا النوع التراثي من القمح البعلي، الذي يعتمد على مياه الأمطار، يُعد من أجمل ما عرفت الأرض الفلسطينية. يطلق عليه الكثيرون اسم "أبو سمرة" — الوسيم الأسمر — بسبب شعيراته السوداء اللافتة، بينما يُعرف رسميًا باسم "الحبة السودة". ينمو على نباتات قصيرة إلى متوسطة الطول، ويركّز معظَم طاقته على إنتاج الحبوب، بخلاف أنواع القمح القديمة الأخرى التي كانت تنتج قشًا طويلًا إلى جانب الحبوب.مع مرور الزمن وتحت ضغط الاعتماد على أصناف القمح الصناعي الحديث، تراجعت زراعة هذا النوع الأصيل بشكل كبير. لكن مع عودته اليوم، يُستقبل بشوقٍ ومحبة من المزارعين وكبار السن، الذين لا يزالون يذكرون طعم خبزه المميز — شبيه بالكعك — والمصنوع من حبّاته البنية الفاتحة.
البامية الفلسطينية هي محصول صيفي سحري يأتي من سهول فلسطين، رغم أن جذورها تعود في الأصل إلى أفريقيا. تنمو باميتنا طويلة وذات قرون خضراء داكنة متوسطة الحجم، وبعضها يحمل خطوطًا رمادية خفيفة على الأضلاع. هذه البامية هي نوع محلي يتميز بتنوع واضح في الشكل ودورة الحياة: بعض النباتات تبدأ في إنتاج القرون مبكرًا، بينما تأخذ أخرى وقتها. وهذا يساعد المزارعين على تمديد موسم الحصاد.
باميتنا هي نوع بعلي (يعتمد على الأمطار) من المحاصيل الصيفية، وتُزرع عادة في فلسطين في يوم القديس جورج (8 مايو). الزراعة البعلية هي تقليد قديم يعتمد على الرطوبة التي يحتفظ بها التربة من موسم الأمطار، دون الحاجة للري. تم تطوير الزراعة البعلية في الهلال الخصيب، الذي تقع فلسطين في طرفه الغربي. الاسم "بعل" يعود إلى الإله الكنعاني الذي كان إله الخصوبة والتدمير، وله صلة روحانية بالقديس جورج المسيحي (الذي يُسمى في العربية "الخضر الأخضر"). يعتبر الخضر شخصية مقدسة في فلسطين لدى المسيحيين والمسلمين، ويُعتبر قديس الكرم والوفرة والزراعة.
الفقوس هو نوع من البطيخ التراثي المحبوب في فلسطين، ويشبه الخيار في طريقة زراعته ومعاملته. يشبه أيضًا أنواعًا أخرى من البطيخ مثل "الخيار الأرميني" في الإنجليزية، أو "كاكادي" في الهندية، أو "كاروسيلا" في الإيطالية. كلمة "الفقوس" هي الاسم العربي لهذا النوع من البطيخ، ويُستخدم هذا الاسم لوصف عدة أشكال مختلفة. النوع الفلسطيني يشبه أكثر الأنواع الإيطالية من الأرمينية، حيث تكون الثمار مغطاة بالزغب عندما تكون صغيرة، ومخططة بدلاً من أن تكون غير منتظمة، وحجمها قريب من حجم الخيار العادي. نكهته خفيفة جدًا، حتى أخف من الخيار، وملمسه هش. لا يكون مرًا أبدًا، وقشره رقيق ولذيذ، لذلك نادرًا ما يتم تقشيره. عادةً ما نأكله طازجًا، وأحيانًا نقوم بتخليله.
إحدى الوصفات المفضلة بسيطة جدًا وتعتمد على التخمر الطبيعي: ابدأ بفرك الفقوس لإزالة الزغب، ثم قم بعمل شق بسيط على أحد جوانب الفقوس (دون تقطيعه بالكامل — الهدف هو السماح للملح بالدخول)، ثم لف كل واحدة بورقة عنب طازجة، ثم اغمرها في محلول ملحي واتركها لمدة ثلاثة أو أربعة أيام (مغطاة بشكل غير محكم حتى لا تنفجر). وهذا كل شيء. يمكن تناولها فورًا، أو تخزينها في الثلاجة لعدة أشهر (لكنها لا تحتاج إلى الثلاجة إذا كنت ستأكلها في غضون بضعة أسابيع). إذا لم تجد أوراق عنب طازجة، يمكنك استخدام أوراق العنب البرية أو المعبأة في البرطمانات.
اليقطين هو نوع مميز من القرع الفلسطيني يُحبّه الجميع. يُستخدم كخضار عندما يكون صغيرًا، كما يُجفف لصناعة أوعية وأباريق وأدوات أخرى، وله أيضًا فوائد طبية.
يُعتقد أن هذا النوع من القرع أصله من أفريقيا، ولكن بفضل قدرة ثماره الجافة على الطفو، انتشر في جميع أنحاء العالم. وهو نبات يتميّز بأوراقه العريضة المكسوّة بطبقة ناعمة وزهوره البيضاء الجميلة التي تتفتح في الليل. أما ثماره في هذا النوع، فتكون على شكل دمعة طويلة. وعندما يُحصد وهو صغير (حوالي 20 سم)، يُمكن استخدامه كالكوسا أو الخيار: سواء كان نيئًا، مطبوخًا، أو مخللًا. واحدة من أشهر الطرق لإعداده هي حشوه باللحم والأرز والنعناع.
اليقطين ينمو بشكل واسع، ويعطي إنتاجًا كبيرًا من الثمار، مما يجعله نباتًا خاصًا. مثل معظم أنواع القرع القاروري، ينمو بشكل أفضل إذا تم تعليقه على تعريشة، مما يزيد من كمية محصوله.
أما فوائده الطبية، فهي كثيرة ومتنوعة: يُستخدم لعلاج التهابات الجلد، واليرقان، والسكري، والقرحات، والحمى، وأمراض التنفس. يُقال إنه يساعد في تخفيف الحمى، ويعزز صحة الكبد والدماغ، كما يُعد منشطًا جنسيًا، ملينًا، ومبرّدًا للجسم. يساعد أيضًا في علاج مشاكل القلب والجهاز البولي، ويُعتبر عصيره مفيدًا للإمساك. بفضل احتوائه على الألياف والكميات القليلة من الدهون والكوليسترول، فهو يساعد على إنقاص الوزن. كما أن بذوره تطرد الديدان والطفيليات من الجسم.
"الباذنجان البَتيري" هو باذنجان ذو لون بنفسجي فاتح وتاج شوكي، ويأتي من وادي بتير المشهور في فلسطين. يُقدّم عادة محشيًا باللحم أو الأرز مع الخضروات الأخرى، وتعتبر التيجان الشوكية التي على رأسه أيضًا من الأطعمة اللذيذة.
إليك مقالًا قويًا كتبته مؤسِّسة مؤسسة PHSL فيفيان صنصور: رابط المقال
وتتميز هذه الثمرات الكبيرة والجميلة ذات اللون الوردي بنسبها من منطقة بيت أمر/الخليل في الضفة الغربية. كونها من الأصناف البعلية (التي تعتمد على مياه الأمطار)، فإنها تقليديًا لا تُروى في فلسطين، بل تُزرع بالبذار في شهر آذار، ثم تُنقل لاحقًا إلى حفرة بعمق 10–12 إنشًا مملوءة بالماء. يُغطى التراب المحيط بكل نبتة بالتبن أو العشب الجاف، ولا تُروى بعد ذلك طوال ما تبقى من الموسم.
جدوعي هو نوع أسطوري من البطيخ يعود أصله إلى مدينة جنين في الضفة الغربية. في الماضي، كان بطيخ جدوعي يُصدّر من جنين إلى لبنان والأردن وسوريا. يرتبط هذا النوع من البطيخ بالزراعة البعلية (التي تعتمد على مياه الأمطار فقط)، وكان معروفًا بقدرته على التحمل وحجمه الكبير ونكهته الحلوة والغنية.
يُعتبر بطيخ جدوعي ذا مكانة خاصة لدى العديد من الفلسطينيين. كان هذا البطيخ يُزرع في أراضٍ مقاومة للأمراض، ويتكيف بشكل جيد مع المناخ المحلي. حقول بطيخ جادوئي كانت تحمل ذكريات كثيرة للناس: فقد ولدت العديد من النساء الفلسطينيات في حقول البطيخ؛ ولجأ إليها الناس أثناء الحروب؛ وما زال البعض يتذكرون الأيام التي كان يُخزن فيها البطيخ تحت الأسرة في الشتاء. لهذا، لا يوجد شخص (من جيل معين) في جنين إلا وله قصة عن هذا البطيخ الذي كان جزءًا من حياتنا وثقافتنا.
لكن مع مرور الوقت، وتحت تأثير الاحتلال الإسرائيلي ودورات العنف المستمرة، بالإضافة إلى أنماط الزراعة الحديثة التي تركز على البذور الهجينة بدلاً من الأصناف التراثية، أصبحت الزراعة التقليدية الفلسطينية مهددة. وعندما بدأت فيفيان صنصور، مؤسسة "PHSL"، في البحث عن بطيخ جدوعي قيل لها إنها "تبحث عن ديناصور". ولكنها لم تستسلم، وأخيرًا وجدت مزارعًا قديمًا كان يحتفظ ببعض بذور هذا البطيخ في درج.
الجرجير الفلسطيني، المعروف محليًا ببساطة باسم "جرجير"، هو نبات تقليدي يأتي من أعماق تلال قرية بتّير، المسجّلة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، وتحديدًا من نبع يُعرف بـ"عين أبو الحارث" في الضفة الغربية المحتلة. يتميّز هذا الجرجير بنكهته الحارة والقوية، ويُعد خيارًا مثاليًا للسلطات، حيث يُقدَّم غالبًا مع البصل الطازج والسماق البري. كما يُقدَّم نيئًا كمقبلات بجانب شوربة العدس وأطباق فلسطينية أخرى، خاصة في فصل الشتاء، حين يكون في أوج نكهته وجودته. يُعتقد في الثقافة الفلسطينية أن الجرجير يساعد على تعزيز الحيوية والنشاط، ويُعتبر منشطًا طبيعيًا، خاصة لمن يعانون من ضعف في الطاقة أو القدرة الجسدية. يُزرع الجرجير في أواخر الصيف أو الخريف ليستمر إنتاجه خلال فصل الشتاء المعتدل، كما يمكن زراعته بشكل متتالٍ في الربيع وأوائل الصيف. لكنه في الأشهر الدافئة ينمو بسرعة ويزهر مبكرًا، مما يحد من فترة إنتاج أوراقه.
سبانخ فريدة للغاية ذات نكهة مكثفة ولذيذة. أوراقها المدببة والداكنة تستخدم في اليخنات والفطائر مع البصل، وزيت الزيتون، والسماق البري. على عكس السبانخ التجارية، تحتوي هذه السبانخ التقليدية على بذور شائكة تشبه تقريبًا الأجرام السماوية — تخيل المجرات أو السدم. كانت جميع السبانخ في الماضي تحتوي على بذور مثل هذه، ولكن هذه الصفة قد تم تهجينها من السبانخ الحديثة (إلى جانب من يدري ما هي الصفات الأخرى). هذه السبانخ هي نوع بعل (يعتمد على الأمطار) في الشتاء، تُزرع في أواخر الخريف ويمكنها تحمل كميات صغيرة إلى معتدلة من البرد وحتى الثلج. إنها نبتة سخية، حيث تقدم عادة عدة حصادات طوال الموسم. ومع ذلك، إذا زرعت في الأشهر الدافئة، فإنها ستزهر بسرعة.
السلق البلدي هو نوع جميل من السلق الفلسطيني، يتميز بأوراقه الخضراء اللامعة وسيقانه البيضاء الرقيقة. يُشار إلى هذه الأنواع أحيانًا في اللغة الإنجليزية بأنواع "سيكلا" (المأخوذة من الكلمة العربية "سلق") أو "سلق السبانخ". بينما تحتوي معظم أنواع السلق على سيقان سميكة وتكون نباتات ثنائية السنة، فإن أنواع "سيكلا" عادةً ما يكون لها سيقان رقيقة وتنمو كأنواع سنوية، مما يجعلها مثالية لمزارعي البذور (فالنباتات السنوية أسهل في الزراعة والحفظ من النباتات الثنائية السنة). في بعض المناخات والظروف، قد تنتج هذه النباتات البذور في الصيف الأول ولكنها تستمر في النمو النباتي أيضًا.
يُحب هذا النوع بسبب أوراقه الطرية ذات الطعم المعتدل. يمكن تناوله نيئًا أو مطهوًا، وخاصة في شوربة العدس. نباتاته قوية ومنتجة بشكل جيد.
هذه الكزبرة الفلسطينية التراثية كانت مخزنة في بنك بذور تابع للحكومة الأمريكية لمدة عشرين عامًا تقريبًا. قبل ذلك، كانت تُزرع على سهل عرابة جنوب جنين في الضفة الغربية الشمالية، وكانت تُعتنى بها من قبل عائلة الفلاح فصال لحلوح الذي ورثها عن والده. في عام 2005، قدم لحلوح بعض البذور للأستاذ الدكتور خالد حردان من جامعة الخليل، الذي شاركها مع مشروع بذور فلسطيني. لاحقًا، خزنت الحكومة الأمريكية هذه البذور.
حالياً، يتم الحفاظ على هذه البذور في نظام الجينوم النباتي التابع لوزارة الزراعة الأمريكية في ولاية آيوا. طلب نيت كلاينمان من شبكة المزارع التجريبية هذه البذور وحصل عليها، ثم أرسلها إلى المزارعة جينيفر ويليامز التي زادت كمية البذور لتصبح متوفرة بشكل أوسع.
تُزرع هذه الكزبرة بشكل أساسي من أجل بذورها، فهي تنتج بكميات كبيرة، ولكن أوراقها (المعروفة أيضًا بالكزبرة) لذيذة ولها نكهة مميزة، خاصة لأولئك الذين يحبون هذه العشبة.
الكوسا هي الكلمة العربية للخيار الصيفي الأسطواني من نوع Cucurbita pepo، ولكن الأنواع التي تُسمى "كوسا" تختلف كثيرًا عن الكوسا العادية التي نجدها في السوبرماركت. الكوسا التقليدية، التي تحظى بشعبية في لبنان وسوريا، تكون خضراء فاتحة في بداية موسم الأكل، ثم تتحول إلى الأبيض أو البني الفاتح أو الأصفر عندما تنضج. هذا النوع من الكوسا يوجد أيضًا في المكسيك وبين الجاليات المكسيكية في الخارج (وأحيانًا يُسمى "الكوسا الرمادي" في الأسواق الأمريكية)، ويعتقد أنه وصل إلى المكسيك عبر المهاجرين من الشرق الأوسط.
لكن الكوسا الفلسطيني الذي نزرعه يختلف بشكل كبير. فهو ينمو على نباتات زاحفة أيضًا، لكن ثماره تكون عادة خضراء داكنة مع خطوط فاتحة قد تتحول إلى الأصفر أو البرتقالي مع نضوجها. حجمها وشكلها مشابه لأنواع الكوسا الأخرى (لكنها أكثر سمكًا وأثقل من الكوسا الإيطالية). طعمها لذيذ جدًا، ومن أشهر الوصفات "كوسا محشي" حيث يتم حشوها بالأرز واللحم وطبخها في مرق طماطم غني.
الملوخية هي نبتة قديمة من جنين وأريحا، تُستخدم في تحضير أحد أشهر الأطباق الفلسطينية. هي نوع من الجوت، الذي يحتوي على ألياف تُستخدم في صناعة الحبال والأقمشة. تنمو الملوخية في الصيف وتُطهى أوراقها الطازجة مع الكثير من الثوم في مرق، وتُقدّم مع الأرز والليمون. وللاحتفاظ بها في الشتاء، يتم قطف الأوراق وتجفيفها.
في غزة، يُضاف إلى مرق الملوخية صلصة حارة تسمى "الدقة"، التي تحتوي على الكزبرة والليمون والفلفل الحار والثوم النيء. تعتبر الملوخية من النباتات الغنية بالمواد الغذائية وأصلها يعود إلى أفريقيا (مثل العديد من المحاصيل الفلسطينية الأخرى مثل البامية والبطيخ والقرع)، وتُزرع باستخدام الري في الصيف.
هناك قصة قديمة تقول إن الفراعنة حظروا الملوخية لأنها كانت تُعتبر منشّطًا جنسيًا، وكان يُعتقد أنها طعام خاص للمُلُوك فقط، وهذا هو سبب تسميتها بهذا الاسم.